مجيء الملك بصورتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة من حرير قبل زواجها به صلى الله عليه وسلم: فقد روى الشيخان من حديث عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أريتك في المنام ثلاث ليال جاءني بك الملك في سرقة من حرير فيقول: هذه امرأتك فاكشف عن وجهك، فإذا أنت هي فأقول: إن يك هذا من الله يمضه.
أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: وقد صرح بمحبتها لما سُئل صلى الله عليه وسلم عن أحب الناس إليه، فقد روى البخاري بإسناده إلى عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعثه على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: فمن الرجال؟ قال: أبوها . قال الحافظ الذهبي: وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض، وما كان عليه الصلاة والسلام ليحبّ إلاّ طيبًا، وقد قال: «لو كنت متخذًا خليلاً من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن أخوة الإسلام أفضل»، فأحب أفضل رجل في أمته، وأفضل امرأة في أمته، فمن أبغض حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حري أن يكون بغيضًا إلى الله ورسوله، وحبه عليه الصلاة والسلام لعائشة كان أمرًا مستفيضًا
أن جبريل -عليه السلام- أرسل إليها سلامه مع النبي صلى الله عليه وسلم: فقد روى البخاري بإسناده إلى عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا: «يا عائشة، هذا جبريل يقرئك السلام»، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى – تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نزول آيات من كتاب الله بسببها، فمنها ما هو في شأنها خاصة ومنها ما هو للأمة عامة: فأما الآيات الخاصة بها والتي تدل على عظم شأنها ورفعة مكانتها شهادة الباري -جل وعلا- لها بالبراءة مما رميت به من الإفك والبهتان، وهو قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ). [النور:11] إلى قوله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّؤونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ). [النور:26]. قال ابن القيم: ومن خصائصها أن الله سبحانه وتعالى برّأها مما رماها به أهل الإفك، وأنزل في عذرها وبراءتها وحيًا يُتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة، وشهد لها بأنها من الطيبات، ووعدها المغفرة والرزق الكريم. وأخبر سبحانه وتعالى أن ما قيل فيها من الإفك كان خيرًا لها، ولم يكن ذلك الذي قيل فيها شرًا لها ولا خافضًا من شأنها، بل رفعها الله بذلك وأعلى قدرها وأعظم شأنها، وصار لها ذكرًا بالطيب والبراءة بين أهل الأرض والسماء، فيا لها من منقبة ما أجلها! وتأمّلْ هذا التشريف والإكرام الناشئ عن فرط تواضعها واستصغارها لنفسها حيث قالت: لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بوحي يُتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رؤيا يبرئني الله بها فهذه صديقة الأمة وأم المؤمنين، وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تعلم أنها بريئة منه مظلومة، وأن قاذفيها ظالمون مفترون عليها، وقد بلغ أذاهم إلى أبويها وإلى رسول الهأ صلى الله عليه وسلم قال ابن كثير: ولما تكلم فيها أهل الإفك بالزور والبهتان غار الله فأنزل براءتها في عشر آيات من القرآن تُتلى على الزمان.. وقد أجمع العلماء على تكفير من قذفها بعد براءتها وأما ما نزل بسببها من الآيات وهي للأمة عامة فآية التيمم وكانت رحمة وتسهيلاً لسائر الأمة، فقد روى البخاري بإسناده إلى عائشة، رضي الله عنها، أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فأرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ناسًا من أصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم فقال أسيد بن حضير: جزاك الله خيرًا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلاّ جعل الله لك وللمسلمين فيه خيرًا.